تحليل قصيدة اغنية ريفية لعلي محمود طه
تمهيد:
ينتمي النص الى جماعة ابولو و هي مدرسة مثلت تورة في سبيل حرية الشعر لكنها كانت ثورة مختلفة المطمح و المذهب. وقد ذهبت حركة ابولو في التنظيم في الشعر الجديد الى ابعد ما فعلت جماعة الديوان. فقد ضمت شعراء من مختلف المذاهب و الثقافة (شوقي, مطران......) فخلقت وسطا شعريا ثقافيا ثريا, واسهمت في تجاوز شعر النهضة ممهدة بذلك السبيل لبروز بنية جديدة
للقصيدة و مفهوم جديد للشعر. ويعتبر علي محمود طه من ابرز شعراء هذه الجماعة, وقد كان له دورا اساسيا في ارساء دعائم الاتجاه الرومانسي العربي, اذ اطفى على القصيدة العربية سمات رومانسية نذكر منها: الذاتية و التاملية و الوجدانية و الغنائية و التعبير عن الغربة في الواقع و البحث عن عالم جديد تحقق فيه الذات (عالم الطبيعة و التخيال) كما تميز شعره بالتعبير عن لحظات الحب واللذة واتخاذها اطارا للإبداع. و رغم تجديدات الشاعر, فانه بقي معظم شعره اكثر ارتباطا باصول القصيدة التقليدية من حث البنية الايقاعية والمناخ العام
ملاحظة النص:
وبناءا على عنوان النص و بدايته و نهايته وشكله نفترض ان الشاعر يعبر تجربة تتفاعل فيها الذات مع الطبيعة لتعبير عن تجرية الحب الا هذا الموضوع قد صيغ في بنية ايقاعية تقليدية.
وبعد قراءة النص يمكن تقسيمه الى الافكار التالية:
+ انسجام مظاهر طبيعة الريف تبدو للشاعر وكأنها تستمر بالحب وتغمرها السعادة.
+ انعزال تحت صفصافة وهو في حالة شرود وكابة وتامل منظر او رؤية حية وسماع صوتها بين عناصر الطبيعة.
+ ملل الطبيعة وكابتها وضجرها وتعجبها واشفاقها من وحشة الشاعر وحيرته.
+انصراف الشاعر للعودة في نفس الموعد لعله يلتقي بالحبيبة.
استنتاج:
نستنتج من خلال افكار النص السمات التالية:
+هيمنة عناصر الطبيعة
+ ارتباط التجربة بوجدان الشاعر
+ تفاعل وانسجام الذات مع الطبيعة في تجربة الكابة
+ الشاعر يعرض الطبيعة في حالة السعادة مما يجعلنا نعتقد ان الطبيعة ستخفف من الام الشاعر الا انه سيعود الى الطبيعة كئيبا كما جاءها.
تحليل:
وبما ان النص يركز على الذات والطبيعة فيمكن تصنيف معجمه او مادته اللغوية الى الحقول الدلالية التالية:
+ الحقل الدال على الطبيعة: دعب الماء/ ظل الشجر/ ضوء القمر/ غازلت السحوب/ النسيم يقبل كل شراع/ اطلعت الارض
+ حالة ذات الشاعر: شريد الفؤاد كئيب النظر/ مستغرقا في الفكر........
حقل دال الانسجام بين الذات و الطبيعة: يمل الدجى/ تشكو الكائبة/ وتعحب من حيرتي الكائنات/ تشفق مني نجوم السحر
نلاحظ اذن ان الطبيعة عالم حب و سعادة في حين ان عالم الناس عالم تعاس لهذا يرفض الشاعر العالم الانساني ويتوجه الى عالم الطبيعة ويجسد خصائصه.
ونلاحظ ايضا ان المعجم مستمدا من الذات و الطبيعة ولغة النص قريبة من لغة الحياة وتناسب تجربة الشاعر.
البنية الايقاعية للنص:
اما البنية الايقاعية فقد كانت تقليدية محافظة, اذ التزم الشعر بوزن بحر المتقارب(فعولن فعولن فعولن ) كما التزم قافية موحدة مقيدة. و اما الايقاع الداخلي فقد تحقق بتكرار حرف الروي كذلك تكرار اصوات مناسبة لحرف الروي.
الصور الفنية:
اما الصور الفنية فقد اتسمت بخصائص التجديد و التطوير وهي صور تقوم على المجاز وتقوم بوظيفة تعبيرية اكثر منها جمالية,ويمكن ان نقسمها حسب ما تعبر عليه وذلك كالتالي:
+ صور دالة على الحركية و الحياة: دعب الماء/ ظل الشجر/ مر على النهر
+ صور دالة على التوحد بين الذات و الطبيعة: اطالع وجهك تحت النخيل/ يمل الدجى وحشتي
+صور دالة على الاحاسيس و المساعير: وغازلت السحوب ضوء القمر (صورة تدل على الحب و العشق) / ومر على النهر ثغر النسيم يقبل كل شراع عبر (صورة دالة على اللذة والجمال) / تشفق النجوم مني (صورة دالة على الحزن) / هنالك صفصافة بالدجى كأن الظلام بها ما شعر (صورة دالة على الوحدة) / وتعجب من حيرتي الكائنات (صورة دالة على الحيرة و التعجب)
كما نلاحظ من خلال هذه الصور قائمة على المزج بين المحسوس و المعنوي
المستوى التركيبي:
وقد هيمنت على النص الجمل الفعلية مما اضفى على النص حركية ودينامية تتجه من الانفصال الى حال التوحد, ومما يلاحظ كذلك ان الفعل ياتي مرتبطا بحالة الفاعل وتبن ذلك كالتالي:
حالة الشاعر
|
الحال (مفردا وجملة)
|
الفاعل
|
الافعال
|
معاناة الكأبة من الحب في عالم الواقع و التطلع الى حب مثالي في عالم الطبيعة
|
تناجي الهديل
|
مطوقة
|
ناحت
|
يقبل كل شراع
|
ثغر النسيم
|
مر
| |
شريد الفؤاد
|
ت
|
اخذ
|
:الاساليب
وتقوم في النص بوظيفة تعبيرية وقد هيمنت على النص الجمل الخبرية التي تعبر عن حالة الشاعر و الطبيعة. وقد استعمل الشاعر بعض الضمائر نذكر منها:
+ ضمير الغائب والغائبة الذي يدل على الطبيعة في حالة انفصالها عن الذات.
+ ضمير المخاطبة: يجسد المحبوبة في الطبيعة
+ ضمير المتكلم: ويدل على ذات الشاعر(الانسجام والتوحد) ,فالذات تنفصل عن محيطها عندما يستعمل الشاعر ضمير المتكلم من جهة وضمير الغائب من والغائبة من جهة اخرى وتولد لحظة اللقاء بين الذات و المحيط عندما يمزج بين المتكلم و المخاطب
يمكنك الاطلاع ايضا على:
تحليل قصيدة وكر النسور لبشارة الخوري
تحليل قصيدة نسر لعمر ابي ريشة
تحليل قصيدة النهر المتجمد لمخائيل نعيمة ( خطاب التطوير و التجديد )
تحليل قصيدة المواكب لجبران خليل جبران
تحليل قصيدة المساء لايليا ابي ماضي
No comments:
Post a Comment
مرحبا بكم على مدونة تحليل النصوص الادبية و النقدية