تحليل قصيدة احمد الزعتر لمحمود درويش
تمهيد:
اذا كان السياب ونازك الملائكة رائدين لخطاب المعاصرة والتحديث، فإن محمود درويش من مطوري هذا الخطاب. وقد جعل محمودا درويش شعره في خدمة القضية الفلسطينية. وكانت قصائده داخل الاراضي المحتلة وخارجها قصائد نضال تعكس صوت فلسطين ويتعامل فيها الشاعر مع الحياة والفن بإخلاص والتزام الى حدود التضحية. ورغم ان انتاج درويش قد مر بمراحل فنية متعددة، قد تميز شعره عموما بالتنوع و التطور الفني والالتزام بالقضايا الوطنية والعربية و الانسانية. فإلى اي حد يجسد هذا النص خصائص المعاصرة والتحديث؟
وبناءا على عنوان النص وبدايته ونهايته نفترض ان النص ينتمي الى خطاب المعاصرة والتحديث لان الصورة على الانزياح ويعبر النص عن تجربة اللجوء والاغتراب و الصمود، وهي قضية ذاتية ووطنية (قضية فلسطينية وانسانية). كما ان النص خرج عن البنية الايقاعية التقليدية، اذ يعتمد نظام الاسر وتعدد الوقفات والقوافي وتعويض التكرار في النص بتكرار الاصوات و الالفاظ و العبارات
وبعد قراءتنا للنص، فيمكن تقسيمه حسب مقاطعه كما يلي:
المقطع الاول:
تأكيد هوية احمد و الشاعر العربية
المقطع الثاني:
تعبير الشاعر عن تجربة الاغتراب وتجربة الاصرار على المقاومة و البقاء.
المقطع الثالث:
الشاعر ينقل القضية من نضالها الفلسطيني الى اطارها القومي، اذ ان احمد عربي سوآءا كان في المخيم او في دمشق او الحجاز.
المقطع الرابع:
انتهاء ثنائية الاغتراب و الاصرار وتحولها الى عودة الصمود متمنيا ان يكون احمد شاهدا على انتصار القضية الفلسطينية.
فالنص يعكس بعبارة ـــ من خلال احمد الزعتر ـــ رمزا للقضية الفلسطينية محنة النزوح والتشرد والاغتراب من جهة وتجرية الاصرار على المقاومة وتأكيد الهوية العربية من جهة اخرى.
وبناءا على ذلك يمكن تصنيف معجم النص كالتالي:
الافعال و الاسماء والزمن الماضي: وتعكس تجربة النزوح و الاغتراب: مضت الغيوم وشردتني/ ورمت معا طفها الجبال...
الافعال الدالة على الحركة و التحول التي تعبر عن الاصرار و المقاومة و التحدي:
كم أمشي إلى حلمي فتسبقني الخناجر ..... /فليأتي الحصار
وهكذا فمعجم النص يقوم بوظيفة تعبيرية لكونه يختزل الدلالة العامة للنص ويعبر عن تجربة الشاعر.
ومن حيت البنية الإيقاعية للنص:
فقد امتازت القصيدة بإيقاع داخلي الذي اسهم في اضاءة رؤية الشاعر. ومن مظاهر ذلك: تكرار اصوات الاحتكاك المجهورة مثل الشين والزاي و العين و الغين.....وهي تعبر عن تجربة التشرد والنزوح و الاغتراب. وتكرار الاصوات الشديدة المجهورة الدالة على الاصرار والتحدي والثبات على الهوية. ومن امثلتها: القاف و الهمزة.
وعلى صعيد الكلمة، نلاحظ تكرار كلمات بعينها مثل: احمد / الحصار/ زعتر...وهي تدل على معاناة الفلسطينيين من جهة وصمودهم من جهة اخرى.
كما اعتمد النص على تكرار العبارات ومنها:
" احمد العربي" وتدل على التأكيد على الهوية العربية.
"فليأتي الحصار" تدل على المقاومة والتحدي.
"انا احمد العربي" وتدل على ارتباط الذات بالجماعة.
"متى تشهد؟ " وتدل على التطلع الى تحقيق الحرية و النصر.
وهكذا ، فان ايقاع النص قد ساهم في تشكيل رؤية الشاعر.
ومن حيت الصور الشعرية:
فنلاحظ انها ذات طابع تركيبي. فقد عبر الشاعر عن رؤيته بصور شعرية غزيرة و متنوعة نابضة بالحركة ومشبعة بالإيحاءات و الرموز وقد تميزت الصورة الشعرية بكونها مركبة تجمع بين مجموعة من الصور الجزئية كما في قوله: " كان المخيم جسم احمد/ كانت دمشق جفون أحمد......"
كما زاوج الشاعر بين الاساليب الخبرية و الانشائية:
فالأسلوب الخبري يعبر عن تجربة الشاعر الذاتية و الجماعية والوطنية و القومية. كما يعبر عن تجرية انسانية وهي تجرية الغربة و التشرد. ومن مثلها: "مضت الغيوم وشردتني "
والاساليب الانشائية ، ومن امثلتها: اه يا وحدي؟ / يا احمد / اقراء وصيتك الاخيرة.....و هذه الاساليب الانشائية تقوم بوظيفة التعبير عن احاسيس الشاعر ومواقفه وانفعالاته.
وقد استخدم الشاعر الاساليب الخبرية و الانشائية بطريقة تفصح عن نواياه وتمكن من تنوع الوظيفة التي يحملها هذا الخطاب وهي وظيفة تعبيرية جماعية، ذلك ان هذه الاساليب توضح نويا الشاعر انطلاقا من كونه يجمع بين التعبير عن الذات و بين معاناة شعب بكامله.
تركيب:
واذا كان بدر شاكر السياب يعبر عن تجربة ذاتية انسانية تحمل رؤية عن الحياة والموت، فان قصيدة احمد الزعتر لمحمود درويش تحمل هما ذاتيا ووطنيا وقوميا وانسانيا. ومن تم فان هذه القصيدة تحمل رؤية شعرية جديدة تمتزج فيها الذات بالموضوع
يمكنك الاطلاع ايضا على:
تحليل قصيدة رحل النهار لبدر شاكر السياب
تحليل قصيدة نهاية السلم لنازك الملائكة
تحليل قصيدة اغاني مهيار الدمشقي لأدونيس
القصيدة الحديثة
Güzel
ReplyDelete