تحليل قصيدة المواكب لجبران خليل جبران
تمهيد:
يقوم النص الرومانسي على الاسس التالية:
ـــ رفض التقليد لأنه افي للشاعرية و لصدق الشعر.
ــ الدعوة الى التجديد من خلال ارساء دعائم توجه ادبي
يعتمد الاسس التالية:
+ ان الذات منبع الشعر و مصدره.
+ ان الصدق هو معيار الشعر الحقيقي.
+ ان وظيفة الشعر هي التعبير والتأثير في المتلقي.
ويحتل جبران مكانة مرموقة في تطور الشعر وارساء اسس
الرومانسية داخله. فجبران يمثل مرحلة في سياق حركة الشعر العربي الحديث، ونقطة
مضيئة تنبئنا بالتغيرات التي ستحدث داخل قصيدة الشعر الحديث، ذلك ان جبران يجسد
رؤية جديدة في الشعر العربي وله خصوصيات متميزة من ابرزها:
+ الانفتاح على افاق الادب العالمية؛ لان جبران مزج بين الثقافة
العربية في الفكر الصوفي والشعر الفلسفي (الغزالي....) وثقافة الفرس والهند وبين
الثقافة في ينابيعها المسحية الأولى وفي مذاهبها الفلسفية وخاصة الفيلسوف نتشه. وكذلك :أداب الغربي الرومانسي. وبانصهار
هذه الثقافات تولد عند جبران رؤية أدبية أساسها
الإنسانية .والمثل و المحبة و
الحرية والقوة. ومادتها الطبيعة والفلسفة والكتاب المقدس و وسيلتها التخيل والرمز
وخرق حدود اللغة المألوفة.
إلى أي حد يجسد هذا النص خصائص التطور و التجديد ؟
وماهي الخصائص التي يتميز بها شعر جبران ؟
هذا ما سنتعرف عليه من خلال وقوفنا على مضامين القصيدة
والأدوات الفنية.
ملاحظة النص:
ـ العنوان يحي بدلالتين فالموكب يكون في حالتي الخير
والشر.
ـ الشكل الهندسي للنص: نظام التناظر والتصريح (سمة من
سمات التقليد)
ـ نظام المقاطع المختلفة وتنوع القافية والراوي (سمة من
سمات التجديد)
ـ بداية النص ونهايته: تكرار لفظ الناس، يحي بأن مضمون
النص يرتبط بالإنسان أي كانوا( البعد الإنساني )
كما نفترض أن الفكرة
العامة للنص هي رفض عالم الناس القاذر والفاني واللجوء إلى عالم الطبيعة
الطاهر .
فهم النص:
ـ الخير في عالم الناس
طارئ وعارض ، والشر فيهم دائم وفطري يقوم على الخضوع والجهل. والخير في
عالم الغاب دائم يقوم على الحرية والعقل .
ـ الحب في عالم الناس متنوع ومتغير و زائل، يقوم على
اللذة الجسدية وعلى الخيانة والغدر. أما الحب في عالم الغاب فهو مطلق ودائم يقوم
على الإخلاص والصدق و الكرامة.
ـ إنسجام ذات الشاعر مع عالم الغاب وحلوله فيه واللجوء
إليه رغبة في نسيان عالم الإنسان وشروره .
ملاحظة :
نستخلص من خلال هذه الأفكار أن النص يتضمن خصائص الرومانسية :
ـ التنافر بين عالم الناس وعالم الشاعر (الطبيعة )
ـ عدم استقلالية كل بيت بذاته .
ـ الوحدة المعنوية تقوم على وحدة المقطع لا على و حدة
البيت.
ـ يعكس النص نزعة الشاعر الإنسانية و نزعته الصوفية.
ـ حضور الذات في أبعادها الوجدانية والفكرية وفي علاقتها بالعالم الواقعي والمتالي .
ـمضمون النص مثالي غير واقعي.
التحليل:
وبناءا على ما تقدم يمكن تصنيف المعجم كالتالي :
ـ الألفاظ الدالة على القيم الفكرية : الخير / الشر /
الغدر /عالم /الخليع
ـ الألفاظ الدالة على الأحاسيس والعواطف: غرام / حب
/هيام.
ـ الألفاظ الدالة على الطبيعة : الغاب / الفجر /زهر /تمر
/عصر / قطعان .
ـ الصفات و الأفعال الدالة على موقف الشاعر من الغاب ومن
الناس :
الأفعال والصفات السلبية تحاه الناس
|
الأفعال والصفات الإجابية تجاه الغاب
|
القيم
|
مكتسب / جبري / فاني
|
فطري/ إختياري / دائم /
|
قيمة الخير
|
متنوع / غير مستمر / لايرضي
|
واحد / مستمر / على / يرضى قليله
|
قيمة الحب
|
حقل الأفعال الدالة على علاقة الشاعر ومكونات الطبيعة:
فعل الشاعر تجاه الطبيعة ومكونتها
|
مكونات الطبيعة
|
اتخاذه منزلا
|
الغاب
|
يتبعها
|
السواقي
|
التسلق
|
الصخور
|
التنشف
|
النور
|
شرب الخمر
|
الفجر
|
الجلوس
|
جنفات
العنب
|
اتخاذها طعاما
|
العناقيد
|
افتراشه
|
العشب الليل
|
اتخاذه حبيبا
|
الليل
|
يتسم المعجم بخصائص رومانسية ومنها معجم مستمد من عالم
الذات والطبيعة يعكس موقف ايجابي من الغاب وسلبي من الواقع يجسد الانسجام بين
الذات و الطبيعة. كما اللغة الشاعر لغة مألوفة، و تعكس التحرر من القواعد النحوية
والصرفية والاملائية و من امثلة ذلك:
تسكين ما حقه الحركة والاعراب، العدول عن الفصحة الى
الدارجة (تحمم بدل استحم). التساهل في الاملاء ( تخذت بدل اتخذت)
المستوى الدلالي:
الايقاع:
الايقاع الخارجي:
× سمات التقليد: التزام نظام الشطرين و الوزن و العروض
× سمات التجديد: تنويع القافية والراوي والتنويع في
الوزن .
في المقطع الأول تقيد الشاعر بتفعيلات الوزن البسيط
وبقافية مطلقة والراوي الراء. وفي الفقرة الثانية من المقطع الأول تقيد بتفعيلات
مجزوء بحر الرمل وبقافية مقيدة وبالراوي العين
الإيقاع الداخلي:
تنوع الراوي و التكرار:
ـ على مستوى
الصوت هناك تكرار الراء والعين ثم اللام والحاء ثم الباء ثم الكاف .
ـ على مستوى اللفظ: الناس/ عالم/ أعطني/غني
ـ على مستوى الجملة :اعطني الناي وغني
من سمات الإيقاع التأرجح بين التجديد والتقليد مع
العناية بالإيقاع الداخلي أكثر.
الصور الفنية:
× المجاز: وما يتولد عنه من تجسيم وتشخيص: الشتاء يمشي
الغنى يرعى العقول.
وتقوم هذه الصور بوظيفة بت الحياة في مكونات الطبيعة.
أما المجازات والاستعارات مثل: تحمت بعطر/شربت الفجر خمرا، تدل على توحد الذات
بالطبيعة.
الأساليب:
الأساليب الإنشائية:
× الأمر: أعطني/ غني
× النهي: لا تقولن
× الإستفهام: هل إتخذت / هل تحممت (إستفهام يفيد النفي )
وتقوم هذه الأساليب بوظيفة تأثيرية.
الضمائر:
× ضمير المتكلم: ويدل على الذات في حالة حلولها في
الطبيعة.
× ضمير المخاطب: يعبر عن الناس في عالم الواقع ويعبر عن
المتلقي قصد جلبه الى عالم الطبيعة.
إذن فالنص تطغى عليه وظيفتان: التعبير عن الذات والتأثير
في المتلقي وتتقلص الوظيفة الشعرية.
تركيب:
وإذا قرنا بين خطاب البعث والإحياء وخطاب الرومانسية عند
جبران خليل جبران، فإننا نخرج بالخلاصة التالية:
من حيث مضمون الشعر نجد أن مضمون شعر خطاب البعث والإحياء واقعي غيري، أما في
الخطاب الرومانسي فالمضمون مثالي ذاتي. وعلى صعيد البناء العروضي للقصيدة، ظلت
قصيدة البعث محافظة على عمود الخليل وعمود الشعر العربي. في حين أن النص رومانسي
يقوم بخرق جزئي لبناء القصيدة (تنويع في الوزن والقافية والراوي).
أما من حيث الصور الفنية، فهي في خطاب البعث حسية مباشرة
تقوم على علاقة المشابهة وتميز بين الذات والموضوع. في حين تقوم الصورة عند الرومانسيين
على المجاز والتشخيص والتجسيم، وتدل على حلول الذات في الطبيعة أي تمزج بين الذات
والموضوع وبين المعقول والمحسوس.
وأخيرا فوظيفة الشعر في خطاب البعث وظيفة توجيهية تأثرية
تجعل الشعر رسالة تحتيا رؤيا شعرية للحياة.
No comments:
Post a Comment
مرحبا بكم على مدونة تحليل النصوص الادبية و النقدية