تحليل قصة العصفور على الشجرة ولا شيء في اليد لأحمد بوزفور
تمهيد:
القصة فن من فنون النثر المستحدثة التي تتميز بالقدرة على تصوير الواقع وتفاعلات الحياة اليومية في أسلوب مختزل.
والنص لصاحبه احمد بوزفور الاديب المغربي الذي انتج اعمال قصصية نذكر منها "النظر في الوجه العزيز"، "الغابر الظاهر"، "صياد النعام".
فإلى أي حد يعكس النص التطورات التي حدثت في النثر العربي؟ وماهي خصائص القصة في النص؟
ملاحظة النص:
وبناء على بداية النص ونهايته نفترض ان النص عبارة عن قصة واقعية تسجيلية ترصد واقع الاختلاف والصراع بين الأجيال وتقدم صورة عن عالم أطفال القرى واحلامهم وما تمثله المدينة بالنسبة لهم. كما نفترض ان هذه القصة تلقي نظرة على التربية الاسرية المغربية القروية.
فهم النص:
تبدأ القصة بتودد الكبار السارد/الطفل ومحاولتهم اغرائهم وكسب ثقتهم. ويحدث التحول في القصة عندما يرفض الطفل التجاوب مع الكبار منشغلا باللعب متمنيا التوجه الى المدينة رفقة زهرة. وتزداد الاحداث تواترا عندما يكذب الطفل الكبار ويفضل اللعب مع زهرة اكثر من أي شيء اخر. وفي النهاية تجلس زهرة بجانب الطفل على الشاحنة ويتجهان نحو المدينة تاركين القرية وكبارها.
دلالات النص:
وهكذا يتبين ان مضامين القصة ترصد واقع الصغار بين الأجيال وتعكس تمسك الكبار بالأرض ورغبة الصغار في الهجرة مما يجعل الأرض عرضة للبوار.
التحليل:
وتتأسس الأحداث حول شخصية الطفل الرئيسية، وهو نموذج واقعي للطفولة البشرية في عصرنا. كما وظف الكاتب شخصيات ثانوية وهي نماذج واقعية تجسد جيل الكبار البدويون. ويمكن بيان البعد الواقعي للشخصيات كالتالي:
× ابعاد الشخصيات:
البعد الاجتماعي
|
البعد النفسي
|
البعد الجسمي
|
الشخصيات
|
بدوي
|
يحب اللعب/ لايثق بالكبار/يحب الاكل/ حالم بالتجارة والهجرة الى المدينة
|
صغير السن/كثير الحركة
|
الطفل
|
طفلة بدوية
|
مبتسمة/ صادقة/ تتجاوب فكريا مع الطفل/ تحب اللعب وتحلم بالهجرة
|
صغيرة السن/مكسورة السن
|
زهرة
|
بدويون
|
قساة/ كاذبون
|
كبار السن
|
الاب والعم والخال
|
قروية
|
مازحة
|
مسنة
|
الام
|
× شبكة علاقات الشخصية:
وقد ارتبطت شخصية الطفل مع باقي الشخصيات بشبكة من العلاقات نجسدها كالتالي:
+ علاقة الطفل بالشاحنة فهي علاقة الرغبة في اللعب
+ علاقة الطفل بالخبز والزبدة فهي الرغبة في الاكل
+ علاقة الطفل مع الكبار فهي علاقة تنافر
+ علاقة الطفل مع زهرة فهي علاقة توافق
+ علاقة الطفل مع البادية فهي علاقة تنافر
+ علاقة الطفل مع المدينة فهي علاقة الرغبة
× التحولات الطارئة في القصة:
ولقد طارئت على الشخصية الرئيسية لحظات التحول. في البداية تجاهل الطفل كلام الكبار وفي الوسط رغبة الطفل في اللعب مع زهرة والذهاب الى المدينة وفي النهاية هرب الطفل مع زهرة نحو المدينة.
× الفضاء القصصي:
+ الزمن:
اما بخصوص عنصر الزمن، فنلاحظ انه يحضر بعبارة زمن كثيف وايقاعه سريع اذ يلتقط اللحظة العابرة وتبين ذلك من خلال الأزمنة الحاضرة في النص وهي زمن الحاضر والماضي وهي ازمنة تتمازج وتتناسق من خلال تحكم السارد فيها صعودا و هبوطا وذلك كالتالي:
ماضي >>>> حاضر >>>>> ماضي >>>>> حاضر
كما تتناسق هذه الأزمنة من خلال الحالة الشعورية للسارد.
ويتجلى مفهوم اللحظة في الزمن وكثافته في كون السارد ينقل لنا لحظة عابرة وهي لحظة انغماس الطفل في اللعب الا ان لها دلالات كثيفة لكثرة احداثها وتداخلها.
وتتضمن القصة زمانان. احدهما داخلي نفسي والأخر خارجي فزيائي. فالزمن الداخلي هو الحيز الذي يمنحه السارد للأحداث، وهو زمن يتراوح ما بين تودد الكبار للطفل في البداية وتوجهه نحو المدينة في النهاية. وهذا الزمن النفسي يحضر من خلال الحوار الداخلي والخارجي الذي يكشف عن مشاعر الشخصيات.
في حين ان الزمن الخارجي هو زمن الاحداث كما وقعت في الواقع، ويحضر في النص من خلال قول السارد "ينبغي ان نتركه يلعب حتى المساء" مما يعني ان الاحداث وقعت قبيل المساء في فصل الصيف (موسم البطيخ).
اما من حيث الحقبة الزمنية، فان النص يتناول حقبة تنامت فيها الهجرة الى المدينة وتوسع فيها النمو التجاري وحدثت فيها تحولات في البنيات التحتية في المدن المغربية، وهي فترة تمتد منذ الاستعمار الى حدود زمن كتابة النص ونشره. والزمنان متدخلان لان زمن قراءة النص يساوي الزمن الذي استغرقه وقوع الاحداث في الواقع.
+ المكان:
واذا انتقلنا الى الفضاء المكاني في النص نجد انه واقعي يتحرك داخله انسان الحياة اليومية ويمكن جرد الأمكنة الواردة في النص وتحديد دلالتها كالتالي:
× شاحنة البلاستيك وهو مكان مهيمن في النص ورغم انه ضيق وصغير، الا ان رغبة السارد الطفل تجعله متسعا ومتعدد الوظائف ويختصر عالم الأطفال الذي يقوم بديلا عن كل ما سواه، فهو وسيلة تجارة وهجرة ولعب ولقاء.
× البادية والقرية وهو مكان لا يذكر صراحة في النص، اذ غيبه السارد الطفل لأنه ينفر منه، لكننا نتعرف عليه من خلال ساكنته "اذ يكثر فيه الشيوخ ويندر الشباب" كما يحضر من خلال "منتوجه البطيخ" فهو مكان غير مؤتة باتات عصرية.
× المدينة وهو مكان مذكور صراحة في النص رغم ان الاحداث تقع بعيدا عنه، فهو يحضر على صعيد الحلم مما يدل على مكان يحلم به الصغار ويهاجر اليه الشباب كما انه مكان قائم على المتاجرة.
+ المتن الحكائي:
واذا اردنا ان نقسم المتن الحائي فاننا نجده ينقسم الى ثلاثة مقاطع كبرى:
× عدم اكثرات الطفل بالكبار
× رغبة في اللعب والهجرة
× تحقق الأمنية
+ أسلوب السرد:
ومن حيث أسلوب السرد نتوصل الى النتائج التالية:
فتنوع السرد يمارسه سارد مشارك في الاحداث، أي يتقمص الشخصية ويمارس الرؤيا مع، والدليل على ذلك هو ضمير السرد المهيمن وهو ضمير المتكلم، كما يدل عليه شكل السرد اذ يهيمن الحوار بنوعيه الداخلي والخارجي.
+ بنية النص:
وبخصوص بنية النص فنجد ان السارد احترم البنية التعاقبية، اذ حافظ على تتابع الاحداث خطيا واحترام تعاقبها الطبيعي مما جعل القصة اكثر واقعيا.
+ الأصوات المنظمة في النص:
اما من حيث الأصوات فنجدها- رغم تعددها- تتداخل لان صوت السارد يتداخل مع صوت الشخصيات وخصوصا في الحوار الداخلي، وكلاهما يعبر عن تصور صوت وموقف الكاتب.
التركيب:
وكخلاصة نستنج ان النص ينتمي الى القصة الواقعية التسجيلية، اذ عبر عن قضية واقعية واستعمل الشخصيات و الأزمنة والامكنة من الممكن وجودها في الواقع.
اما اذا قرنا بين هذه القصة و قصة " شغلانة" ليوسف ادريس( اضغط هنا لقراءة تحليل قصة شغلانة ليوسف ادريس )، فاننا نجدهما يتشابهان في بعدهما الواقعي والفني، حيث وظفا قوى فاعلة واقعية وقدما صورة عن واقع الحياة الحديثة. لكنهما يختلفان في القضية المطروحة، اذ يعالج يوسف ادريس قضية صراع الفقراء مع لقمة العيش والبحث عن العمل، في حين يعالج احمد بوزفور قضية تتعلق بالهجرة من البادية وتصوير عالم الأطفال وصراع الأجيال.
اما من حيث أسلوب السرد، فنص "شغلانة" وظف راو محايد يحكي ما حدث ويعبر بضمير الغائب ويغلب الوصف والسرد ويعتمد بنية قصصية حلزونية. اما نصنا هذا، فقد وظف راو مشارك في الحدث يعتمد ضمير المتكلم والحوار كشكل سردي واعتمد بنية تعاقبية.
اذا عرضنا الموازنة بين النصين، فإننا نرى ان نص يوسف ادريس أطول من نص احمد بوزفور واحداثه اكثر واللحظة الزمنية التي يصورها أطول. اما من حيث الكيف، فان نص بوزفور -رغم قصره – اعمق دلالة واكثر غوصا في نفسية الشخوص.
يمكنك الاطلاع ايضا على:
القصة القصيرة
عناصر تحليل القصة القصيرة
تحليل قصة شغلانة ليوسف ادري
أدشكرا
ReplyDelete