قصيدة النهر المتجمد

تحليل قصيدة النهر المتجمد لمخائيل نعيمة ( خطاب التطوير و التجديد )

تمهيد:  

الحركة المهجرية ظهرت في امريكا الشمالية حيث اسست االرابطة القلمية في نيوريوك سنة 1920  وقد كان جبران رئيسا و نعيمة مستشارها القانوني وناقدها والمنظر لها , وكان ابوايليا الماضي من شعرائها البارزين. ومن اهداف هذه الرابطة القلمية تجديد الشعر العربي وتحريره من القيود و الدعوة الى الحرية و الحب والاهتمام بالتأمل الفلسفي في النفس و الطبيعة و الثورة على التقاليد.

وصاحبنا هو مخائيل نعيمة الشاعر اللبناني المولود في بسكنتا سنة 1889 تاثر بطبيعة لبنان وتجربة الغربة وحياة الصراع الطائفي في لبنان وتجربة الحرب ,اذ تجند في الجيش الامريكي. كما تأثر ايضا بالأدب الروسي واطلع على التعاليم المسيحية و التراث العربي و الثقافة الروسية و الامريكية والفرنسية اضافة الى تاثره بالانجيل والفكر الهندي, ومن هنا نزعته الانسانية القائمة على الحب والرحمة والاخاء.

فإلى اي حد يجسد هذا النص خصائص خطاب التطوير والتجديد؟

وبناءا على عنوان النص وبدايته ونهايته نفترض ان النص ينتمي الى خطاب الرومانسي لانه يتخذ الطبيعة كرمز لفكرة او رؤية ذاتية حول الحياة. كما يعكس النص رفض الشاعر للواقع وتطلعه الى عالم المثل. ذلك ان النص من خلال _النهر_ يعتبر الطبيعة عالم حرية وخلود وتجدد ويعتبر عالم الناس عالم فناء وركود وقيود.

اما من حيث شكل النص:

 فقد استغنى الشاعر عن النطام التقليدي وبنى قصيدته على اسس السطر الشعري  كما في الشعر الحر, كما نوع في الوزن و القافية والراوي وبنى معانيه على اساس وحدة المقطع.

يخاطب الشاعر النهر متسائلا عن حاله في الحاضر والماضي والمستقبل, و مقارنا حالته بحال النهر من خلال ثلاثة  ازمنة وذلك كالتالي:

زمن الحاضر:

حال النهر:

جاف لاخرير له, هارم, خائر العزم, راكد, مقيد بالجليد, يحيط به الصفصاف العالي المنطر, اذ يوحي الى الكائبة و التشاؤم.

حال الشاعر:

 يبكي وحده, جامد ,يحس بالملل , حزين.

زمن الماضي:

حال النهر: 

نشيط يحيى بالأفكار, يشارك الشاعر احساسه.

حال الشاعر: 

لا يحس بالوحدة, حر, له امال لا يحس بالملل.

زمن المستقبل:

حال النهر: 

سينشط ويتحرر من قيود الصقيع, سيوحي بالأسرار ويشع بالموضوع و سيتجدد.

حال الشاعر: 

عدم التحرر.

نستنتج ان افكار النص تتضمن نظرة تاملية في الحياة وتعبر عن رؤية الشاعر لها. وهي رؤية تفائلية للطبيعة و تشاؤمية تجاه الواقع الانساني.

ان الشاعر يتخذ الطبيعة كمادة للتامل واستحاء الافكار: الحرية و التفائل,.

ويمكن تصنيف معجم النص كالتالي:

افعال وصفات الماضي:

الشاعر: 

قلب ضاحك, حر , امال, لايشكو الملل.

النهر:

 مرنما, يتلواحاديث الدهور, اذ سمعت تنهدي و توجعي

افعال وصفات الحاضر:

الشاعر:

ر: ابكي انا وحدي, جمدتْ كوجهكَ فيه أمواجُ الأمل, تساوت الأيامُ, وتوازنَتْ فيه الحياةُ: نعيمُها وشقاؤها,

النهر

: نضبتْ مياهُكَ فانقطعتَ عن الخرير,  هبطتْ عليك سكينةُ اللحد العميق, ها حولك الصفصافُ لا ورقٌ عليه ولا جمال

افعال وصفات المستقبل:

الشاعر:

لن ينشط

النهر:

فتفكّ جسمكَ من عقَال مَكَّنَتْهُ يدُ الصقيع, وتكرّ موجتُكَ النقيةُ حُرَّةً نحوَ البحَار, أنَّك سوفَ تنشطُ من عقالكَ

نلاحط ان النواة الدلالية المهيمنة في النص يمكن تفرعها الى التيمات التالية: تيمة الحركة و التفائل والتجدد والحياة وتيمة الجمود والتشاؤم والموت بالنسبة لعالم الانسان.

كما تميز المعجم بكونه معجم ذاتي طبيعي كما تميز بسهولة اللغة. كما تضمن التعابير الدالة على الغربة والتشاؤم ,ومن امثلتها:

الغربة: وها أبكي أنا وحدي، ولا تبكي معي,

التشاؤم: وخار عزمُكَ, جمدتْ كوجهكَ فيه أمواجُ الأمل

اما على صعيد الصور الفنية:

  فقد استعمل الشاعر المجاز: وخار عزمُكَ, كنتَ مرنماً. يتضح ان الصورة تقوم بوظيفة التعبير اكثر ماتقوم بوظيفة التزين وهي صور دالة على التوحد بين الذات و الطبيعة. كما تميزت بعمق خيال الشاعر والمزج بين العناصر المتنافرة.

اما من حيث الاساليب:

  فالنص يمزج الاساليب الانشائية ذات الوظيفة التعبيرية التأثيرية (النداء و الاستفهام) و الاساليب الخبرية ذات الوظيفة التعبيرية. كما تميز النص باستعمال ضمير المخاطب. ومن هنا فان النص ذو وظيفة تعبيرية تأثيرية.

خاتمة:

وهكذا يتضح ان وظيفة الشعر حسب الشاعر وحسب الرابطة القلمية هي: التعبير عن رؤية الشاعر للوجود والحياة وايصالها للقارئ و التعبير عن الاحاسيس النفسية الداخلية.