تحليل قصيدة ميميه في الفخر لمحمود سامي البارودي
تمهيد:
خطاب البعث و الاحياء هو موقف شعري يدعو الى احياء الشعر العربي و تقاليده الفنية. ومن مميزات هذا الخطاب:
استلهام تقاليد القصيدة العربية القديمة.
احياء القيم الثقافية العربية القديمة.
الانخراط في التعبير عن التجارب الذاتية والقضايا الوطنية و القومية و الاجتماعية.
:ومن الاشكالات التي يثيرها هذا الخطاب التساؤلات التالية
هل يعتبر خطاب البعث و الاحياء تطورا ام مجرد تقليد المورث؟
صاحب النص:
يعتبر البارودي من رواد خطاب البعث و الاحياء في الشعر. ومن العوامل التي دفعته الى ذلك نذكر: تربيته التقليدية، وحبه للشعر ومحاكاته، ووطنيته، وتجنده ومرتبته العسكرية ونفيه الى "سرنديب" نتيجة مشاركته في حركة تمرد الجيش. كما تأثر بمميزات عصره حيث تفاعل مع التحولات السياسية، كالحروب التركية الروسية والسيطرة الانجليزية و التركية على مصر وتصاعد المد القومي و الوطني و التحولات الاجتماعية مثل حفر قناة السويس.... و التحولات الثقافية مثل بناء دار اوبيرا و انتشار المطبعة.
ملاحظة النص:
وبناءا على سيرة الشاعر وعنوان النص وشكله و بدايته نفترض ان القصيدة تنطوي تحث غرض قديم وهو الفخر وانها نسجت على منوال القصيدة القديمة من حيث نظام الشطرين و الروي ووحدة القافية. وان القصيدة تدخل ضمن فن المعارض اذ ان الشاعر يعارض بقصيدته هذه ميمية عنترة. محاولا التسج على منوال القدماء، ومحاولا التفوق عليه.
فهم النص:
وبعد قراءة النص، يمكن تقسيمه الى الوحدات الفكرية التالية:
الوحدة الاولى: ( من البيت الاول الى البيت الرابع) : افتخار الشاعر بتفوقه على القدماء في الشعر و الفروسية.
الوحدة الثانية: (من البيت الخامس الى البيت السابع) : ا فتخار الشاعر بوطنيته ومكانته الشريفة واهله ونسبه.
الوحدة الثالثة: (من البيت الثامن الى البيت الخامس عشر) : افتخار الشاعر بتجاربه الذاتية وشاعريته وشجاعته.
الوحدة الرابعة: تعبير الشاعر عن رأيه في الحياة في شكل حكم استقاها من تجربته ومفادها الايمان بالله وبالقدر وضعف العلم الانساني في هذا الكون الغريب، وضرورة التحلي بالقناعة و الواقعية والزهد في الحياة والاتكال على الله.
استنتاجات:
نستنتج من خلال هذه الافكار ان النص يندرج في اطار فن المعارض، ويعبر عن تجربة معينة في قالب قديم و متعدد الموضوعات.
ملاحظة:
نلاحظ ان الشاعر لم يحترم استقلالية البيت بذاته. فمثلا اليت الثالث يحتاج الى البيت الرابع لكي ينهي المعنى.
تحليل النص:
على مستوى الدالي: المعجم:
معجم القصيدة ينشطر الى حقلين دلالين: الاول يتضمن الالفاظ والعبارات الدالة على صورة الشاعر: حب القريض....نشأت بطبيعتي للقريض. و الثاني يتضمن الالفاظ الدالة على الفارس: صرعت الفرسان، مهندي..............
استنتاج:
نستخلص ان الشاعر يقدم نفسه في صورة مثالية يجسد فيها صورة الشاعر و الفارس. وهي صورة تذكرنا بنماذج من الشعر العربي القديم، كما عند عنترة والمتنبي وابي الفراس.....
وهكذا، فمعجم النص من المعجم الشعري القديم. فألفاظه جزلة مستقلة معانيها شريفة. وكل هذا يدل يدل على انتماء النص الى خطاب البعث و الاحياء.
على المستوى الدلالي:
الصور الشعرية: ويمكن تصنيفها الى:
صور دالة على الفخر: احيت انفاس القريض (استعارة)
صور دالة على الوطنية: سل مصر عني/ نسيمها روحي
صور دالة على التأمل في الحياة: المرء طوع يد الزمان (استعارة)
من خلال الصور نستخلص ان الشاعر ارتبط بالماضي وعبر عن الموروث الشعري في نواة الفخر. في حين عبر عن العصر وعن تجربة خاصة وعن الذات في نواتي الوطن والتأمل.
كما نلاحظ ان صور النص بنية في الاغلب على علاقة المشابهة. هذا بالإضافة الى اتسام الصورة بكونها قريبة من الادراك وتناسب الموضوع وحسية وترتبط بالبيئة البدوية و الصحراوية. كل هذا يدل على ان النص ينتمي الى خطاب البعث والاحياء.
الايقاع الخارجي للنص:
نظم النص على وزن البحر الكامل وهو من البحور الصافية. وهو وزن يناسب موضوع النص. اكثر الشعراء القدماء من النظم عليه لذلك اختاره الشاعر.
الايقاع الداخلي للنص:
تكرار الاصوات: تهيمن على النص اصوات الميم بالإضافة الى العين و الحاء و القاف و الراء والسين.
ونلاحظ على هذه الاصوات انها تخدم المعنى اذ تهمين الاصوات القريبة المخرج و الرخوة في موضوع الشاعرية. وتهيمن الاصوات الشديدة البعيدة المخرج في موضوع الفروسة.
المستوى التداولي (الاسلوب):
يلاحظ ان النص مزدوج الاتجاه. اتجاه نحو مخاطب متخيل ومفترض واتجاه نحو الذات. فالشاعر يحاول اثبات ذاته من خلال الافتخار بالشاعرية والشاعة، كما يحاول التأثير بالمخاط وتوجيهه قيم الذات. ويمكن استخلاص ذلك من خلال الاساليب التالية:
الضمائر:
ضمير المتكلم: ويعبر عن التجربة الذاتية للشاعر وتتجلى في الشاعرية والفروسية والوطنية. وضمير الغائب مرجح بين الواقعين القديم و الحديث.
وظيفته توجهية وارشاد الخاطب الى التمسك بقيم الذات العربية ضمير الخاطب:
ازمنة الافعال:
زمن الماضي: يعبر عن قيم الماضي وهي الشاعرية والفروسية
زمن الحاضر: يعبر عن قيم العصر والذات: الوطنية والشاعرية و الفروسية
: وظيفته توجهية وارشاد الخاطب الى التمسك بقيم الذات والشاعرية.الامر
الجمل الفعلية تدل على الحركة والتجدد.الجمل الفعلية :
الجمل الاسمية: تدل على التباث والاستقرار على قيم الماضي وقيم وطنية
الاساليب الانشائية:
الاساليب الانشائية لها وظيفة التأثير في المخاطب وتوجيهه نحو قيم عشق الذات.
الجمل الخبرية: لها وظيفة الاخبار بتجارب السلف والتجارب الذاتية وتقريرها في نفس المخاطب.
نستخلص اذن من خلال هذه الاساليب هيمنة الوظائف التوجيهية على النص مما يدل على انتماء القصيدة الى خطاب البعث و الاحياء.
تركيب:
نخرج بقناعة مفادها ان الشاعر يعكس في نصه منظومة من القيم والمواقف بعضها مورث عن القدماء كالشاعرية والفروسية وبعضها ذاتي حديث كالقيم الوطنية و الاخلاقية والتجارب الذاتية.
الوظيفة التي استعملت للتعبير عن هذه القيم، فهي وظيفة توجيهية هدفها احياء القيم وتوجه المخاطب اليها. وعلى صعيد الادوات التي استخدمها الشاعر لبلوغ هدفه فهي ادوات تعتمد على عناصر العودة الى اصول التقاليد واحتذاء القيم الثقافية والجمالية للقصيدة العربية محاولا تطويع القالب القديم لاستيعاب تجربة الشاعر الحياتية
يمكنك الاطلاع ايضا على:
نموذج من شعر علال الفاسي: تحليل قصيدة ذكريات وعهود
نموذج من شعر احمد شوقي: تحليل قصيدة اندلسية
تحليل قصيدة اخشى ان تطول حياتي لحافظ ابرهيم
تحليل قصيدة قف بالمعرة لمحمد مهدي الجواهري
تحليل قصيدة متى يكتب العرب ملحمة لمحمد الحلوي
تحليل قصيدة منك ياهاجر دائي لأحمد شوقي-خطاب البعث والاحيا
No comments:
Post a Comment
مرحبا بكم على مدونة تحليل النصوص الادبية و النقدية