تطوير اللغة في الشعر العربي الحديث
:الملامح الحقيقية للغة في الشعر العربي الحديث
الملمح الأول: النفس التقليدي في لغة الشعر الحديث.
ويتضح ذالك من خلال استعمال شعراء هذا الإتجاه للعبارات الفخمة، والأسلوب المتين حتى حين يعالجون مواضع أكثر
حداثة، كما الحال عند السياب الذي استعمل تعابير تقليدية مثل: (خيف النخل ـ العارض السحاح ـ الإكثار من الصيغة الصرفية فعللة: هسهسة ـ تهزهز
ـ تهدهد ـ لولوة.. ومعاملة غير العاقل معاملة العاقل تشبها بأساليب الأعراب).
الملمح الثاني: البعد عن لغة الحديث اليومي.
من المعلوم أن لغة الحديث اليومي هي لغة نفعية،
مرتبطة بحياتنا اليومية، في حين تميل اللغة
الشعرية الحديثة إلى المثالية، فاستشراف شعراء
الحداثة إلى التغيير، والمستقبل جعل هذه اللغة تبتعد عن
اليومي، وربط الشعراء بين الكلمات بروابط غير
متوقعة مما يدهش المتلقي لهذا الشعر، نجد مثلا هذه
اللغة حاضرة في شعر عفيفي مطر، أدونيس، وصلاح عبد
الصبور: (القمر الجائع ـ يخيط جرح الماء...)
الملمح الثالث: السياق الدرامي للغة الشعر الحديث.
عندما كان الشاعر التقليدي يبدع قصيدته، فهو غالبا ما يوجهها، ويخاطب بها غيره، أما الشاعر الحداثي، فيهتم
أكثر بمخاطبة ذاته، فيما يشبه حوارات ذاتية، أو المناجاة الداخلية/ الجوانية، فتكثر في قصائده الإيماءات، والإشارات، والهمسات، والصور
المقتضبة. وتتبع الباحث هذه الخاصية من خلال شعر محمد الفيتوري، وقصيدته: "معزوفة لدرويش متجول".
الملمح الرابع: التعبير بالصورة في الشعر الحديث.
عمل شعراء الحداثة على التخلص من تسلط التراث البياني التقليدي، وفتحوا آفاقا جديدة ورحبة، وتوسيع أفق
الصورة البيانية لتتسع لأكبر الإحتمالات الدلالية، والمتصلة بأعماق التجربة الشعرية كما هو الشأن في قصيدة: "بويب"
لبدر شاكر السياب. كما لجأ الشاعر الحداثي أحيانا إلى الحد من جموح الصورة الشعرية، والتقليل من إمكانيات
التمدد والتوسع بربطها بسائر صور القصيدة.
وتتمتع الصورة البيانية بالخصوبة ـ خصوصا ـ عندما ترتبط بتجربة الشاعر. كما تستمد الصورة الجديدة حيويتها من
ثقافة الشاعر، فتصبح قناعاته ترفد المضمون، وتنعكس على الشكل بفيض عاطفي يجعل الصور توغل في الغرابة، مما أبعد تجرب الشعراء الشعرية عن أذواق
الناس.
No comments:
Post a Comment
مرحبا بكم على مدونة تحليل النصوص الادبية و النقدية