تحليل قصة شغلانة ليوسف ادريس
تمهيد:
عرف المجتمع العربي تطورا على الصعيد الاجتماعي والسياسي والثقافي، مما ادى الى البحث عن اشكال ملائمة للتعبير عن هذه التغيرات، وذلك بواسطة التلقيح بين اشكال نثرية تراثية واشكال نثرية مقتبسة من الغرب. وكنتيجة ظهور القصة و الرواية و المقالة و المسرح العربي.
والقصص الحديثة نوعان؛ قصص واقعية تسجيلية، وقصص واقعية نقدية. هذا إضافة الى قصص رمزية. ولقد لعب يوسف ادريس دورا مهما في انتاج القصة العربية، وذلك من خلال معانقته لمواقف سياسية ووطنية ملتزمة بالبعد الإنساني الكبير لا السياسي الضيق و ذلك من خلال رصده لتفاصيل الحياة الاجتماعية والقيم السائدة في المدينة. هذا إضافة الى ارتباطه بالواقعية في مجال الفن وبالفكر الاشتراكي في مجال السياسة و الانحياز الى حياة بسطاء الناس في المجال الاجتماعي.
وبناءا على عنوان النص وبدايته ونهايته، نفترض ان نصنا نص سردي وعبارة عن قصة واقعية تسجيلية تتمحور حول موضوع يتصل بالحياة اليومية الاجتماعية ومعاناة بسطاء الناس في البحث عن عمل يقتاتون منه، كما ترصد الاستغلال الذي يمارس الفقراء والمس بكرامتهم وإنسانيتهم في المجتمعات العربية خصوصا مصر.
فهم النص (استخراج المتن الحكائي) :
ابتدأت القصة بتصوير عبده الباحث باستمرار عن القرش (المال). فقد كان في الأصل طباخا واصبح همه في الحياة هو البحث والانتقال من عمل الى عمل.
وسيتحول حال عبده عند التقاءه بالممرض وممارسته بيع دمه مما جعل علاقته بزوجته تتحسن و بالأخرين تتراوح ما بين التعاطف والحسد والحصرة. وبخصوص حالته الجسمية فقد تدهورت.
وتتواتر الأحداث عندما تم رفض دم عبده لإصابته بفقر الدم، وفي النهاية اصبح عبده في حاجة الى المال من جديد.
دلالة الاحداث:
انتهت القصة من حيث بدأت مما يدل على معاناة بسطاء الناس دائمة، كما ان القصة ادنة للبطالة و الفقر والتفاوت الطبقي.
1. القوى الفاعلة:
1.1.ابعاد الشخصيات:
تأسست الاحداث حول شخصية عبده باعتباره احد القوى الفاعلة، وهو نموذج من نماذج البشرية التي تصارع أعباء الحياة. أي ان القاص اقتطع تجربة من واقع الحياة ونقلها الينا ورسم صورة عن نموذج انساني في المجتمع، وتبين ذلك من خلال الابعاد المميزة لشخصيته:
أ- الملامح الجسمية و الملبس (المظهر الخارجي):
فارع العود، قوي الصوت و الساعي، ماهر (اثناء قيامه بعمل معين)، يلبس جلباب، ضعيف الصوت، تعب اثناء بحته عن القرش، رجليه رفيعتين، وجهه اصفر، يدوخ وينام (اثناء بيعه الدم)
ب- الوضع الاجتماعي:
محتاج يبحث عن المال، متعدد الحرف
ج- الحالة النفسية:
عابس مقطر الوجه، فاقد الامل، خجول، ساخط، مشمئز، يشعر بالاستكانة (في حالة العطالة)، يشعر بالراحة مبتسم ممتلئ النفس في حالة الامل.
1.2. شبكة علاقات الشخصية:
ارتبط البطل مع غيره بعلاقات نبينها كالتالي:
--علاقة عبده بالأسرة فهي علاقة متقلبة
--علاقة عبده مع طلبه فهي علاقة متقلبة
--علاقة عبده مع المستشفى فهي علاقة متقلبة
--علاقة عبده مع الحي (الجيران، صاحب البيت) فهي علاقة متقلبة
--علاقة عبده مع الحرف التي عمل بها فهي علاقة رغبة من طرف عبده
1.3. التحولات الطارئة على الشخصية:
--في البدايةّ؛ عدم توفر الشغل والحاجة للمال وفقدان الامل
--في الوسط؛ بعد لقائه بطلبه حصوله على شغل وتوفر المال والتمسك بالأمل
--في النهاية؛ طرد عبده من الشغل والحاجة الى المال وفقدان الامل وتدهور حالته الصحية
2. الفضاء القصصي (الزمان والمكان والمقاطع الكبرى للمتن الحكائي)
2.1. الزمن:
أ-الأزمنة الحاضرة في النص:
الأزمنة الحاضرة في النص هي الماضي والحاضر والمستقبل. وهي ازمنة تتمازج وتتناسق تبعا لأحاسيس البطل.
× في الماضي ممارسة حرف مختلفة (أيام المجد والذكريات تتخللها أيام حزن ابنته التي ماتت)
× في الحاضر الحاجة الى القرش وانعدام الامل وتدهور الحال
× المستقبل مجهول وغامض؛ والعيد القادم، وأقة الخوخ التي نفسها فيها وتتوحم عليها، وابنته التي ماتت، و ابنه الذي في الطريق و الخوخة التي سيولد بها.
ب. مفهوم اللحظة في الزمن:
وتجسده كتافه الأحداث وتداخلها، اذ تبدء بحالة الإحساس ثم تحولات تودي الى التوتر وتنهي بالكشف عن دلالة الحدث.
ج. الزمن النفسي الداخلي والزمن الخارجي الواقعي:
الزمن النفسي في النص هو الحيز الذي يمنحه السارد للأحداث في النص. ويحضر الزمن الداخلي من خلال الإحساس الذي تعيشه الشخصية، وهو زمن مكثف. حالة الحاضر تستدعي حالة الماضي وتتطلع الى المستقبل، وهذا الزمن يساوي زمن القراءة (كان.....ولم تكن هذه اول مرة.......فقد امضى عمره.........)
اما الزمن الخارجي للنص فهو الزمن الواقعي الذي تحيل عليه القصة، وهو زمن أطول من زمن القراءة، اذ يستغرق سنوات وهو يحيل على الظروف الموجودة في الوطن العربي في الخمسينات والستينات، وهي سنوات اتسمت بالمد الاشتراكي فنيا و سياسيا، ومن هنا واقعية القصة. ويحضر هذا الزمن من خلال التحديدات التالية:
وفي يوم........ومن الفجر.......وبعد أسبوع......في العاشرة..........
2.2.المكان:
دلالتها
|
الامكنة
|
المسكن الشعبي الفقير، مؤتة بحصيرة
|
المنزل
|
مكان للاستشفاء يتحول الى مكان لممارسة الاستغلال وسلب الفقراء عافيتهم
|
المستشفى
|
2.3. المقاطع الكبرى للمتن الحكائي:
× الحاجة الى القرش
× توفر القرش
× الحاجة الى القرش ومعاناة الجوع والمرض
3.اسلوب السرد:
للسرد في القصة اشكال متنوعة نحددها كالتالي:
أ. نوع السرد في النص يتخذ شكل الراوي الشاهد الذي يحكي ما حدث.
ب. ضمير السرد؛ رواية الاحداث بعدة ضمائر المتكلم و المخاطب والغائب
ج. شكل السرد؛ رواية الاحداث بأشكال متنوعة كالحوار الخارجي والوصف والسرد، الا ان الوصف هما المهيمنان لان القصة تنقل صورة صادقة على المجتمع كما تصور التحولات على الشخصيات.
التركيب:
واذا قراءنا نموذج قصصي لزكريا تامر، فإننا نستخلص ان هناك أوجه الائتلاف والاختلاف بين النصين. فزكريا تامر يعرض في قصته قضية سياسية تعانق الواقع الوطني، في حين عرض يوسف ادريس قضية اجتماعية.
اما من حيث بناء القصة و الأسلوب، فنلاحظ ان القصتين وظفتا ازمنة وامكنة واقعية، ورصدتا التحولات الطارئة على الواقع. لكن قصة زكربا تامر هيمن عليها الحوار، زمن تم فالسارد في قصة تامر يمارسا الرؤي مع، واما في قصة ادريس يمارس الرؤيا من فوق. وأخيرا، فقصة يوسف ادريس تنتمي الى الواقعية التسجيلية. واما قصة زكريا تامر تنتمي الى الواقعية الرمزية النقدية.
تقويم:
وهكذا نستخلص ان قصة شغلانة تتميز بخلفيتها الواقعية التسجيلية وبعدها الفكري التقدمي ووظيفتها الفنية الناتجة عن استعمال اللغة العامية المصرية مما يوهم بواقعية الاحداث.
:يمكنك الاطلاع ايضا على
تحليل قصة العصفور على الشجرة ولا شيء في اليد لأحمد بوزفور
القصة القصيرة
عناصر تحليل القصة القصي
No comments:
Post a Comment
مرحبا بكم على مدونة تحليل النصوص الادبية و النقدية