نموذج تحليلي للمقالة النقدية النفسية ابن الرومي من خلال نفسيته وتجاربه لمحمد النويهي
اذا كان طه حسين يعتمد منهجا اجتماعيا يربط بين الظاهرة الأدبية والمحيط ربطا اليا، واذا كان نجيب العوفي يعتمد منهجا اجتماعيا واقعيا يستمد مرجعتيه من البنيوية التكوينية لذا كولدمان ويربط بين الظاهرة والمحيط الاجتماعي ربطا جدليا، فان محمد النويهي يبني مشروعه النقدي على أسس المنهج النفسي كوسيلة لتفسير العمل الإبداعي وتحليله، وهو منهج يتجاوز ما
هو تقليدي الى ما هو علمي، يستمد وجوده من العلوم الإنسانية، وخاصة مناهج العلوم النفسية التي تبحث في مكونات شخصية
والنص الذي بين أيدينا هو دراسة لنفسية ابن الرومي وادبه.
فما هو موضوع النص النقدي؟ وما هو خصائص مقاربته النقدية؟
ملاحظة النص:
وبناء على عنوان النص وبدايته نفترض ان الناقد يطبق قراءة تتجه نحو ذات الشاعر ونفسيته، مفترضا إمكانية التعارف على الشاعر، وتفسير انكماشه بالاستناد على الوسط الاجتماعي والحياة الخاصة، والتكوين الجسمي والعقلي.
الفهم:
وبعد قراءتنا للنص يتضح فعلا ان الكاتب يفسر شخصية ابن رومي الانكماشية بناء على أسباب من المجتمع وسيرة الشاعر وتكوينه الجسمي والعقلي. اذ يجدد مظاهر وصفات انكماش ابن الرومي في اختلاله الجسماني وحدة احساسه والمبالغة في الخيال وشدة تشاؤمه واضطرابه وقلقه ومخاوفه وغرابة اطواره، وعدم تكيفيه مع المجتمع، واخفاقه وفقره وعدم اعتدال رغباته وشراهته واتصاله بالقصر وعدم تكيفه مع العيش فيه، وتخوفه من العالم الخارجي.
ويرى الكاتب كذلك ان انكماش ابن الرومي وسعة ثقافته جعل فنه يتميز بدقة التحليل واستقائه. استدلال الكاتب على انكماشية ابن الرومي، وعلى دقة تحليله واستقائه بقصيدته دعي اللوم التي نظمها معتذرا لاحد الأغنياء عن استجابته لدعوته خوفا من السفر، ومتوسلا طامعا في العطاء. وفحوى مطلعها انه لا فائدة من لومه عن احجامه عن السفر لان ذلك يزيد معانته، وان الحصول على العطاء والرزق لا يقتضي السفر والجد ضرورة. فالبيت الأول يدل على تغلب خوفه على طمعه والبيت الثاني يدل على اختلاق الاعذار المنطقية لتبرير لعدم استجابته لصاحبه.
يتضح ان النويهي قد طبق المنهج النفسي، اذ جعل ذات الاديب ونفسيته منطلقا لمقاربة الظاهرة الأدبية. فما هي معالم المقاربة النفسية في النص؟
المعجم النقدي:
1. توظيف مفاهيم ومصطلحات نقدية أدبية وعلم نفسية:
+ حقل دلالي نفسي....الانكماش، اخفاق، حدة الإحساس، اختلاق الأسباب المنطقية
+ حقل دلالي نقدي ادبي....مقالات، التحليل الدقيق المستوفي قصده من شعره.....
2. اتخاذ نفسية الشاعر كمنطلق لقراءة للنص:
تحديد صفات الشاعر حسب المجالات التالية:
مجالها
|
الصفات
|
جسمي
|
ضعف صحته وكثرة امراضه
|
اجتماعي
|
فقره وشدة طمعه
|
نفسي
|
توهمه، طيرته، انكماشه
|
ثقافي
|
ثقافته، ودقة تحليله
|
المنهج النقدي (نوعية العلاقة التي تربط بين الناقد السيكولوجي والنص الادبي):
يرتبط الناقد بالنص من خلال علاقة التأويل والتفسير والشرح والتحليل النقسي، أي يتخذ النص كمنطلق (لتفسير ذات الشاعر او العكس) ويمكن ابراز ذلك كالتالي:
1.تحديد صفات الشخصية الانطوائية من خلال شخصية ابن الرومي.....غرابة اطواره وعدم تكيفه مع المجتمع
2.الاستدلال والبرهنة على صحة افتراض انكماشية ابن الرومي ببراهين من مصادر مختلفة:
+ براهين من سيرة الشاعر وحياته....يخاف الماء والناس والطبيعة والسفر......
+ براهين من تكوينه الجسمي....ضعف صحته
+ براهين من شعره....قصيدة دعي اللوم ودلالتها على تغلب خوفه على حرصه، واختلاق الاعذار
3.هدف الناقد من الاستدلال بشعر الشاعر هو اتخاذه كمفتاح لقراءة نسقية الشاعر ومن تم فان الناقد اتخذ النص كوثيقة او كوسيلة مساعدة للتعرف على مميزات الشاعر وحياته النفسية، أي النص ليس هو الغاية.
أسلوب التحليل النقدي:
1.أسلوب الاهتمام بالمضمون....اهتم الناقد في تحليل قصيدة الشاعر بالمضمون اكثر مما اهتم بالصفات الجمالية فيها والسبب في ذلك هو ان الناقد يعتبر النص وعلاقة بمرجع خارجي وهو ذات الشاعر ونفسيته.
2.اتباع أسلوب الاستنباط في تقديم الظاهرة الأدبية.....افترض بانكماش نفسية ابن الرومي ثم استدل عليها بأمثلة من مصادر متنوعة من حياة الشاعر وشعره.
3.مراحل منهج تحليل المضمون....وبما ان الناقد قد ارتكز على منهج تحليل المضمون، فقد اتبع ثلاث مراحل كالتالي:
أ. تجريد الوحدات المضمونية....مطلع قصيدة دع اللوم
ب. استخراج الحقول و المقولات التي تجمع بينها....مقولة الانكماش وتغلب الخوف على الحرص....مقولة اختلاق الأسباب المنطقية ودقة التحليل واستقائه.
ج. تفسير وجودها باللجوء الى ظروف الاديب ونفسيته.......اعتذاره عن عدم السفر الى الممدوح سببه الخوف من الماء والسفر.
تركيب:
وهكذا يتضح ان المنهج النفسي يقارب النص من خلال شخصية الاديب ونفسيته معتمدا على مفاهيم وأدوات تستمد مرجعتيها النظرية من النظرية النفسية. كما نستخلص ان الناقد يحتاج الى التأويل انطلاقا من معطيات نفسية خارج نصية، اذ ترتبط بالأديب وبوجود في انتاجه ما يؤشر ويدل عليها.
اما المنهج الاجتماعي -كما رأينا عند طه حسين ونجيب العوفي – فيستمد مفاهيمه وادواته من مرجعية علم الاجتماع ويعتبر النص من انتاج الجماعة. ونلاحظ على المنهج النفسي والاجتماعي انهما يبتعدان عن ويرتبطان به ارتباط تأويل وشرح، مما قد
يسقط الناقد في احكام ذاتية مبنية على ثقافة الناقد الخاصة وانطباعاته الذاتية.
:يمكنك ايضا الاطلاع على
تحليل نموذجي للمقالة النقدية الاجتماعية القدماء والمحدثون لطه حسين
نموذج تحليلي للمقالة النقدية النفسية نرجسية الشاعر المتنبي ليوسف اليوسف
نموذج تحليلي للمقالة النقدية البنيوية "القصة القصيرة والاسئلة الكبيرة" لنجيب العوفي
تحليل مقالة ريادة الادب لزاكي نجيب محمود
تحليل مقالة النقد والقومية العربية لعبد الله كنون
No comments:
Post a Comment
مرحبا بكم على مدونة تحليل النصوص الادبية و النقدية