ريادة

تحليل مقالة ريادة الادب لزاكي نجيب محمود

تمهيد:

المقالة فن من الفنون النثرية المستحدثة ابان عهد النهضة. قد ظهرت بفعل انتشار الصحافة وتوسيع جمهور القراء, ونتيجة رغبة الكتاب في ابراز أراءهم. والنص لصاحبه زكي نجيب محمود الملقب بأديب الفلاسفة وفيلسوف الادباء لأنه يصوغ فكره ادبا كما يجعل من ادبه فلسفة، وله عدة مؤلفات ومقالات ادبية وفكرية "جنة العبيط"، "قشور ولباب"، " فلسفة وفن"، " فلسفة النقد" وهي المقالة التي اخذ منها هذا النص.

فما هي وجهة النظر التي يعبر عنها الكاتب في النص؟ وماهي الطريقة المتبعة في عرض الرأي؟ وماهي اساليب الاستدلال والبرهنة المستعملة؟ وماهي خصائص اللغة الموظفة في التعبير عن الرأي؟.

وبناءا على سيرة الكاتب وعنوان النص وبدايته ونهايته، نفترض ان النص عبارة عن فن مقالة نقدية ادبية موضوعا وفنية اسلوبا ولغة، ويعبر فيها الكاتب عن وجهة نظره حول الادب ووظيفته مفادها ان الادب دون رسالة مضيعة للوقت، وان رسالة الاديب هي ان يسبق الناس في ابراز قيم جديدة يتبعها الناس. وان أدباءنا  فشلوا في هذه المهمة في حين نجح ادباء الجيل الماضي اللذين خلقوا قيمة الإحساس بالحرية.

وقد تضمن النص الأفكار الأساسية التالية :

× الأدب دون رسالة جديدة مضيعة للوقت.

× مهمة الأديب والادب ليست هي تصوير الواقع  بل التماس قيم جديدة قبل عامة الناس.

× فشل ادباء هذا الجيل في تحقيق وظيفة الادب الحقيقية، ونجاح ادباء الماضي في ذلك، اذ خلقوا قيمة الاحساس بالحرية.

وهكذا يتضح ان المضمون الفكري للنص يتضمن خصائص المقالة لكونه يجسد تطور النثر العربي ومحاولة الكاتب  ابراز افكاره لجمهور القراء من خلال المساهمة والمشاركة في  الخطابات الأدبية والفكرية والسياسية والاجتماعية.

ومن حيث الطريقة التي وظفها الكاتب من أجل ابراز مضمونه الفكري، نجد انه اعتمد تسلسلا فكريا منطقيا في عرض رأيه ذلك انه:

× مهد لرأيه بحكاية الزوجة مع زوجها التي تفيد بان الادب بدون رسالة مضيعة للوقت.

× الإنتقال الى عرض الموقف المعارض الذي يرى ان وظيفة الادب هي تصوير الواقع ومتابعة المجتمع.

× عرض موقف الكاتب الذي يرى ان الاديب يؤدي رسالة اساسها اكتشاف قيم جديدة قبل الاخرين.

× بعد ذلك دفع عن رأيه مستعملا حججا مستمدة من مصادر مختلفة منطقية، وادلة ملموسة وامثلة شعرية  وحكاية سياسية واجتماعية. وختم رأيه بان مهمة الاديب هي التماس قيم جديدة وهي مهمة نجح فيها ادباء الجيل السابق وفشل

فيها ادباء الجيل الاخير.

اضافة الى ذلك وظف الكاتب اساليب الاستدلال والبرهنة حيث نجد الكاتب قد اعتمد منهاجا استدلالي اتبع فيه اسلوبا استقرائيا ينطلق من الامثلة وينتهي بالحكم العام. وقد اتبع الخطوات التالية:

× رصد الظواهر التي تميز الادب

× البحث عن العلاقات المشتركة التي تميز الاديب الحق: يحمل رسالة جديدة/ يهدي ولايهتدى/ يسبق الناس في رأيه...

× تعميم الخصائص على سياق مغاير: اذ بين امتداد هذه الخصائص الى شعراء اخرين، حيث يرى ان شعراء جيله فشلوا في بلوغ غاية الادب عكس ادباء الجيل السابق.

× في النهاية استقراء مفهوم وحكم عام مفاده ان ادباء جيل الماضي خلقوا الاحساس بالحرية.

واستعمل الكاتب كذلك اساليب التفسير ونذكر منها:

× مبدأ ت التعريف: الاديب الحق يهدي ولا يهتدي.

× اسلوب السرد: كان  ......................

× اسلوب الوصف: حباه الله موهبة يدرك بها من الحق

 اما من حيث اسلوب النص ولغته، نستخلص ما يلي:

المقالة نقدية ادبية لان موضوعها يتصل بوظيفة الادب ومهمته في المجتمع.  وهي مقالة فنية لانها اعتمدت لغة موحية كما اعتمدت اساليب الحكاية والقصة. وهي مقالة حجاجية لأنها استعملت اساليب الاقناع والحجاج والبرهنة. وهي مقالة تحليلية شكلا ،لأنها اعتمدت تحليل للمواقف وتفسيرها.....

وكتركيب لهذه المعطيات نرى ان هناك اوجه تشابه واختلاف بين هذا النص و نص عبد الله كنون. فالكاتبين قد حدد مفهوم الادب ووظيفته حيث اعتبراه رسالة مقدسة تهدي الى الحق والقيم الايجابية. كما توفر النصان على خصائص المقالة من حيث التعبير عن وجهة نظر، وعرض المواقف والدفاع عنها و تسلسل الافكار  واستخدام اساليب  البرهنة و الاستدلال. الا انه اختلف في امور منها، اتباع عبد الله كنون للأسلوب الاستنباطي واستخدام زكي نجيب محمود اسلوب استقرائيا. نص كنون مقالة موضوعية ونص زكي مقالة فنية. 

يمكنك ايضا الاطلاع على:

تحليل مقالة النقد والقومية العربية لعبد الله كنون

نموذج تحليلي للمقالة النقدية البنيوية "القصة القصيرة والاسئلة الكبيرة" لنجيب العوفي

نموذج تحليلي للمقالة النقدية النفسية نرجسية الشاعر المتنبي ليوسف اليوسف

نموذج تحليلي للمقالة النقدية الاجتماعية " القدماء و المحدثون" لطه حسين

نموذج تحليلي للمقالة النقدية النفسية ابن الرومي من خلال نفسيته وتجاربه لمحمد النويه