القومية

تحليل مقالة النقد والقومية العربية لعبد الله كنون

تمهيد:

المقالة فن من فنون النثر ظهرت بظهور الصحافة، واستمدت مقوماتها من فن الرسالة القديمة والمقالة الغربية  وهي انواع حسب موضوعها وحسب شكلها. وتتميز التصميم المنهجي والاختزال ووحدة الموضوع وتسلسل الافكار.

وقد ظهرت المقالة في المغرب منذ النهضة المغربية الناتجة بفعل الوجود الاستعماري، وقيام حركة التحرير الوطنية، وظهور

الحركة السلفية التي تدعو الى تأصيل الثقافة الاسلامية، وظهور الشعر المغربي الوطني. هذا اضافة الى الثرات المغربي العلمي والادبي.

 ويتجلى دور ومكانة عبد الله كنون في النهضة المغربية من خلال دعمه ومشاركته في الحركة الوطنية والدفاع عن وحدة البلاد، واحيائه الثرات المغربي والتعريف به وتصنيفه وابراز خصائصه. كما لعب كنون دورا اساسيا في تأصيل المقالة في المغرب من خلال مساهمته بعدة مقالات نشرت في عدة صحف ومجلات، وتنشيطه للعمل الاذاعي والفكري في المغرب ومساهمته بمقالات 

تعرف بالثقافة المغربية في الماضي والحاضر. ومن امثلة مقالات كنون نصنا هذا. فما موضوع هذه المقالة وماهي خصائصها؟

وبناءا على عنوان النص وبدايته ونهايته نفترض ان النص مقالة ادبية سياسة. كما ان هذه المقالة ذات طابع موضوعي جدالي يطغى عليها اسلوب الحجاج على الفكرة و الدفاع عليها. ووجهة النظر التي يدافع عليها الكاتب هي نفي الفوارق الاصطناعية و الاعتبارية بين ابناء العروبة وادبهم والدعوة الى اعادة النظر في الادب العربي قصد توضيح اهداف الرسالة الانسانية التي يقوم بها الادب العربي.

عبر الكاتب عن وجهة نظره حول قضية ذات جانبين: جانب أدبي (وحدة الأدب العربي) وجانب سياسي (وحدة البلدان العربية).

وقد دفع الكاتب عن وجهة نظره بأدلة وبراهين مستقاة من مصدر جغرافي ( ادب واحد تشارك في إنتاجه جميع الدول العربية) ومصدر سياسي( محكومة بحاكم واحد) ومصدر قانوني (تحكم بقانون واحد) ومصدر تاريخي أنطولوجي بيولوجي نفسي (متشابه في الخلق والتكوين والمزاج ) و مصدر لغوي ( لغة واحدة ) ومصدر ثقافي تراثي (الرصيد الثقافي ).

ويؤمن الكاتب باستمرارية التاريخ  مبينا أن التجاوب الفكري بين الأدباء في  عصرنا هو ما كان عليه الحال في عصر الجاهلية والدور الذي كان يقوم به عكاظ ، تقوم به اليوم الصحف إذ  تشيع النصوص الأدبية بين القراء، معبرة عن الأفكار الجديدة باللغة الخالدة  والكلمات المعهودة.

ويعارض الكاتب نزعة التقليد للغرب التي تتجلى في تقسيم الأدب العربي حسب العصور أو الأقطار، وهذا يعني أنه يعارض فكرة تأثير السياسة في تطوير الأدب، بدليل أن أئمة اللغة الأولون جعلوا العصور الثلاثة عصر واحدا.

وأخيرا يقدم الكاتب رأيه حول الأدب ووظيفته التي تتجلى في كون الأدب العربي ذو رسالة مقدسة غايتها إنقاذ البشرية من الضلال ودعوتها إلى الحق. مؤكدا أنه يجب إعادة النظر في الأدب العربي من أجل توضيح أهداف الرسالة الإنسانية التي يقوم بها هذا الأدب.

 يمكن تحليل هذا النص بالوقوف على المميزات المنهجية التي يتصف بها وذلك كالتالي:

× طريقة إبراز الرأي ووجهة نظر الكاتب وموقفه.

 ـــ التعبير عن موقف:

عبر الكاتب عن موقفه من هذه القضية الادبية السياسية بطريقة مباشرة دون التمهيد لها. وبين ذلك كالتالي:

+ طرح موقف الكاتب: 

 نفي الفوارق الاصطناعية و الاعتبارية بين ابناء العروبة و ادابها في الماضي و الحاضر و في جميع الاقطار.

+ طرح الموقف المعارض:

  تقسيم الادب العربي حسب الاقطار وحسب العصور السياسية.

ــــ الدفاع عن موقف:

+ الدفاع عن اصالة الذات:

  الادب العربي وحدة لا تتجزء في جميع بلاده

+ التجاوب الفكري بين الادباء في عصرنا هو ما كان عليه عصر الجاهلية: 

ائمتنا الاولون ادق نظرا حيث جعلوا العصر واحدا.

+ الدفاع عن القومية العربية: 

اذ دافع الكاتب على القومية العربية بن بناءا على اسس متنوعة تاريخية وجغرافية (بلاد متصل) وسياسية (تحت حاكم واحد)  وكذألك لغوية (اللغة واحدة) و قانونية (نحكم بقانون واحد).

وهكذا يتضح ان المقالة تجسد التطور في مسار النثر العربي وتشارك في الخطابات السياسية و الاجتماعية والفكرية  الرائجة كما يبرز النص دفاع الكاتب عن الاصالة والقومية.

× اساليب الاستدلال والبرهنة :

 اعتمد النص منهجا محكما منتظم العناصر. ويمكن رصد ذلك كالتالي:

ـــ الطريقة و الاسلوب:

+ الاسلوب الاستدلالي المتبع: 

 وظف الكاتب في بناء وأيه اسلوبا استنباطيا ينطلق من القضية ثم يندرج الى الخصائص و الامثلة.

+ و الخطوات التي سلكها الكاتب حسب هذا الاسلوب هي كالتالي:

× تقديم تعريف مجرد للقضية، اي تقديم حكم اولي: وحدة الادب العربي و البلدان العربية.

× فحص الراي في الامثلة و الظواهر: اتصال البلدان/ حاكم واحد/ متشابه في التكوين.

× البحث عن العلاقة المشتركة بين الظواهر: التجاوب الفكري بين ادباء عصرنا وهو ماكان عليه الحال في عصر الجاهلية.

× تعميم الخصائص: السياسة لا تؤثر في تكيف المبادئ الادبية

× كان ائمتنا الاولون ادق نظرا حيث جعلوا العر العصر واحدا.

× اللغة التي تشيع الأفكار الحديثة هي نفسها لغة الاصل.

× تأكيد حكم: فالأدب في هذا العصر لا يستعمل الا الكلمات المعهودة.

+ تحديد المفهوم: 

 لقد حدد الكاتب مفهومه للأدب وبين خصائصه ووظيفته مستعملا في ذلك اساليب بناء المفهوم من خلال تحديده لما يلي:

× صفات الايجاب اي الخصائص التي تميز الادب الحقيقي: الادب الحقيقي ذو رسالة مقدسة يؤدي الى غاية فتح الاذان....والاعين....على دعوة الحق.....ذو مسؤولة عظمى.

× صفات السرد اي الخصائص التي تميز الادب الحقيقي: لا يقتصر على الاغراض اللفظية، ولا على المتعة الذهنية ولا على المعاني الذاتية.

ــــ اساليب التفسير: 

استعمل الكاتب اساليب في معالجة قضية ونذكر من هذه الاساليب ما يلي:

× التعريف:

  الادب العربي وحدة لا تتجزء في جميع بلاده...........تشارك فيه البلاد.....متشابهة في التكوين.

× التشابه والتماثل: 

التجاوب الفكري.............في عصرنا هو ما كان عليه عصر الجاهلية

× السرد: (سرد احدات و تفسير موقف) :

+ كان ائمتنا الاولون ادق نظرا.....

+ جعلوا العصور الثلاثة عصرا واحدا

× الوصف:

  رسالة الادب العربي، رسالة مقدسة....غايتها فتح الاذان والاعين على دعوة الحق

× اسلوب النص ولغته:

نوع المقالة:

+ من حيث الموضوع:

 مقالة ادبية سياسية

+ من حيث الاسلوب والشكل: 

 مقالة موضوعية تحليلية لأنها تميزت بالوضوح في التعبير وبلغة مباشرة. وبمضمون اقرب من الفكر منه الى الادب، كما تميزت بالطول و التحليل والتصميم المنهجي لعناصرها والاختزال ووحدة الموضوع وتسلسل الافكار.

+ وهي مقالة حجاجيه :

اذ يضفى عليها الجانب الجدالي  واستعمال اساليب الاستدلال و البرهنة و الاقناع.

تركيب:

وهكذا فدور عبد الله كنون في كتابة المقالة يتجلى في معالجته لموضوع تاريخي مرتبط بالثقافة العربية كما يتجلى في عنايته بأساليب الحجاج و البرهنة والاستناد الى الى منهج علمي الاستدلالي.

ومن الناحية المنهجية للمقالة، فقد استخدم الكاتب طريقة استنباطية مستعملا اساليب التفسير وبناء المفاهيم. واخيرا من حيث الاسلوب نجد ان النص يجسد تطور الكتابة النثرية الناتج عن شيوع الصحافة ورغبة الكاتب في ابراز مواقفهم كما نستخلص أن فن المقالة يتنوع حسب تنوع الموضوع والمضامين وأشكال التعبير عنه. 

يمكنك الاطلاع ايضا على:

تحليل مقالة ريادة الادب لزاكي نجيب محمود

نموذج تحليلي للمقالة النقدية البنيوية "القصة القصيرة والاسئلة الكبيرة" لنجيب العوفي

نموذج تحليلي للمقالة النقدية النفسية نرجسية الشاعر المتنبي ليوسف اليوسف

نموذج تحليلي للمقالة النقدية الاجتماعية " القدماء و المحدثون" لطه حسين