نموذج تحليلي للمقالة النقدية النفسية نرجسية الشاعر المتنبي ليوسف اليوسف
تمهيد:
مر التعامل مع الادب العربي بمراحل عدة:
+ النقد البلاغي وسيطر الى حدود مطلع القرن التاسع عشر.
+ النقد الاجتماعي التاريخي الذي يربط بين الادب وسياقه التاريخي وبينه والاديب، ظهر في القرن التاسع عشر لذا سانت بوف و باي بولت ادف تين واخذه عنهم بعض العرب كطه حسين وجماعة الديوان ونعيمة الى النصف الأول من القرن العشرين.
+ النقد الجديد، وقد ظهر في الغرب في النصف الأول من القرن العشرين نتيجة الصراع الاديولوجي والفلسفي والعقدي والابداعي والنقدي، ومن هذه المناهج ما يستمد مفاهيمه من الاديولوجيات والمذاهب (كالماركسية – مثلا) كالمنهج الاجتماعي الواقعي كما جسدها كولدمان ونجيب العوفي في المغرب، ومن هذه المناهج ما يستمد مفاهيمه من علوم اللسان والمنهج البنيوي، ومنها ما يستمد مفاهيمه من النظرية التواصلية وعلم النفس المعرفي كالمناهج النقدية المتحورة حول القارئ والقراءة، ومنها ما يستعير مفاهيمه من النظرية النفسية لذا فرويد وهو المنهج النفسي الذي اسسه فرويد وطوره كل من شارل مورون ولاكان، وممن اخذبه العرب كالنويهي والعقاد ويوسف اليوسف، وهومنهج يطبق مبادئ علم النفس على الظاهرة الأدبية ويبحث في سيرة الاديب وشخصيته ونفسيته وأيضا بينها وبين النص.
والنص الذي بين أيدينا هو ليوسف اليوسف الناقد الفلسطيني الذي تميز مشروعه النقدي بمحاولة قراءة الاديب في ضوء المنهج النفسي حيث درس الشعر الجاهلي والغزل العذري وشعر المتنبي من خلال مبادئ علم النفس.
وبناء على عنوان النص وبدايته ونهايته، نفترض ان الناقد يفسر شعر المتنبي بناءا على نفسيته.
وبعد قراءة النص يتبين انه يتضمن الأفكار النقدية التالية:
× نرجسية المتنبي ناتجة عن تنائيه ميوله التي تكمن في رفض الواقع للشاعر (اخفاقاته) ورفض الشاعر للواقع (انانيته وفوقيته).
× استعداده للتنازل النسبي عن اناه امام شخصية سيف الدولة لأنه رأى فيه ذاته ووجد فيه تشخيصا لميوله ونزعاته واهوائه.
× تراوحت علاقة سيف الدولة مع المتنبي بين الرضوخ والرغبة في الارضاخ.
× احباطه في تأكيد ذاته عبر تسلم السلطة، في شبابه وقبل اتصاله بسيف الدولة، جعل شعره يتمحور حول موضوع الثورة والتحدث عن النفس كما جعل شعره غنيا.
× تأكد المتنبي من استحالة تحقق امنيته في الواقع جعل شعره يتميز بالاسى وشدة الانفعال والغنائية الذاتية.
× شعور المتنبي بالإحباط انتج نوعين من الشعر الجيد. الغنائية الحزينة والشعر الوجودي المتشائم.
تأكد فهمنا للنص ما افترضناه من ان الناقد يتخذ نفسية الاديب كمفتاح لقراءة النص. فما هي معالم القراءة النفسية في نصنا؟
المعجم النقدي:
المفاهيم والمصطلحات النقدية:
وظف الناقد المفاهيم وأدوات نقدية ومصطلحات تنتمي الى حقلين دلالين:
× مفاهيم مستمدة من علم النفس....نرجسية، احباط، تمركز حول الذات الانا....
× كما وظف مفاهيم تنتمي الى حقل الشعر والادب مثل بطل، مدح غنائية، موسيقى.....
هذا دون اغفال انه استعمل مفاهيم تنتمي الى حقول السياسة والتاريخ مثل انتزاع السلطة، اعلان الثورة.......
ويتضح من خلال هذا المعجم هيمنة الحقل النفسي مما يدل على ان نفسية المتنبي هي المنطلق الذي بنى عليه الكاتب ويتأكد ذلك من خلال ما يلي:
جرد صفات شخصية الشاعر حسب مجالات مختلفة؛ مجال نفسي حيث تميزت نفسية الشاعر بالنرجسية وازدواجية الميول والاحساس بالإحباط؛ ومجال اجتماعي كازدراء العصر والتنافر المتبادل بين الشاعر والواقع؛ ومجال سياسي كالميل القومي والرغبة في استعادة السلطة العربية والثورية....؛ ومجال فني كمدح النفس وضعف المديح قبل ان تصل بسيف الدولة والغنائية.
أسلوب التحليل النقدي:
1.وقد اتبع الناقد أسلوب استنباطي في تقويم الظاهرة الأدبية، اذ وضع حكما افتراضيا مفاده ان المتنبي شخصية نرجسية ثم استدل بأمثلة وشواهد من مصادر متنوعة من حياة الشاعر وشعره. وأخيرا ختم قراءته مأكدا حكمه ومستخلصا ان نرجسية المتنبي وشعوره بالإحباط وانانيته انتجت نوعين من الشعر (الغنائية الحزينة والوجودية المتشائمة)
2.اما بخصوص مراحل منهجيته النقدية، فنلاحظ ان الكاتب ارتكز على منهج تحليل المضمون:
أ. تجريد الوحدات المضمونية.....ابياته في سيف الدولة وفي ذاته وفي الزمان
ب. استخراخ الحقول والمقولات التي تجمع بينها....البيتين الاولين يدلان على مقولة التنازل عن الانا امام شخصية سيف الدولة وعلى الاضفاءات الشخصية التي تدل على الرضوخ.....البيت الثالث يدل على الارضاخ وكذلك البيت الخامس والسادس يدلان على مقولات الغنائية الحزينة والوجودية المتشائمة.
ج. تفسير وجودها باللجوء الى ظروف الاديب ونفسيته مثل الرفض المتبادل بين الشاعر والواقع، احباطاته ، فوقيته، علاقته بسيف الدولة، تراوحه بين الرضوخ والرغبة في الارضاخ.....
أسلوب النص ولغته
اما من حيث الأسلوب فيتضمن الخصائص التالية:
1. أسلوب الاهتمام بالمضمون، اذ اهتم الناقد في تحليله لشعر الشاعر بالمضمون، اكثر ما اهتم بالسمات الجمالية والسبب في ذلك هو ان الناقد يعتبر النص ذو علاقة بمرجع خارجي وهو ذاته الشاعر ونفسيته.
2. علاقة الناقد النفسي بالنص:
فعلاقة الناقد بالنص الادبي هي علاقة تأويل وتفسير وشرح وتحليل نفسي، اذ يتخذ النص كمنطلق ووثيقة لتفسير ذاتية الشاعر او العكس ويبرز ذلك من خلال:
أ. تحديده لصفات النرجسية.
ب. تم الاستدلال والبرهنة على نرجسية الشاعر ببراهين من مصادر متنوعة من سيرة الشاعر وحياته وتكوينه النفسي وبراهين من شعره.
3. واذا فهدف الناقد من الاستدلال بشعر الشاعر هو اتخاذ النص كمفتاح لقراءة نفسيته، أي ان الناقد يتخذ النص كوسيلة مساعدة للتعرف على مميزات الشاعر وحياته النفسية، أي ان النص ليس هو الغاية بل مجرد وسيلة.
تركيب:
وهكذا يتضح ان الناقد قد اعتمد منهجا نفسيا يقارب النص من خلال شخصية الاديب ونفسيته معتمدا على مفاهيم وأدوات تستمد مرجعتيها من النظرية النفسية. كما نستخلص ان عمل الناقد النفسي يحتاج الى التأويل انطلاقا من معطيات نفسية خارج نفسية ترتبط بالأديب.
يمكنك الاطلاع ايضا على:
تحليل مقالة النقد والقومية العربية لعبد الله كنون
تحليل مقالة ريادة الادب لزاكي نجيب محمود
نموذج تحليلي للمقالة النقدية البنيوية "القصة القصيرة والاسئلة الكبيرة" لنجيب العوفي
نموذج تحليلي للمقالة النقدية الاجتماعية " القدماء و المحدثون" لطه حسين
نموذج تحليلي للمقالة النقدية النفسية ابن الرومي من خلال نفسيته وتجاربه لمحمد
No comments:
Post a Comment
مرحبا بكم على مدونة تحليل النصوص الادبية و النقدية